علم الإدارة عند أصحابه تايلور وفايول/ إعداد الباحث علاء حسون

لم يتفق الباحثون في مجالات الإدارة المختلفة على أسلوب جامع يُمكن اعتماده لتحقيق أهداف أصحاب الأعمال من تطوير للعمليات وزيادة في الأرباح وتوسع في الأسواق بوقتٍ أقل وجهد فعّال وكلفة منافسة. فمنذ تعريف الإدارة كعلم مستقل بحد ذاته مطلع القرن العشرين، كثُرت النظريات والتجارب والآراء حول تحسين العمل الإداري وتأطيره علمياً من خلال تحديد مبادئه وآليات تطبيقه وذلك إمّا من خلال الخبرة الشخصية أو بواسطة التجارب العملية. وأدّت هذه الحركة العلمية إلى ظهور أنواع مختلفة من تطبيقات الإدارة -أو مدارس إن صح التعبير- أبرزها التطبيق العلمي للإدارة والتطبيق السلوكي. صحيحٌ أنّ الباحثين الأوائل أمثال هنري غانت، جيمس وات، روبرت أوين وغيرهم كتبوا في الإدارة وعلومها، ولكن يظلّ المهندس الأميركي فريدريك تايلور والمهندس الفرنسي هنري فايول أبرز من بحث في العلم الإداري، وتطبيقاتهما كانت ثورة على المناهج الإدارية التقليدية التي كانت سائدة وغدت الأكثر رواجاً في زمانهما ولا زالت حتى الآن تُدرّس في الجامعات وتُعتمد في الكثير من المنظمات. ستناقش المقالة المبادئ الأساسية التي اعتمدا عليها في تفصيلهما للعملية الإدارية ودورها في تطوير العمل بشكل شامل، وستشرح الفارق الجوهري بين النظريتين وأيّهما أسلم في التطبيق وأفضل في النتيجة

تطوير للعمليات وزيادة في الأرباح وتوسع في الأسواق بوقتٍ أقل وجهد فعّال وكلفة منافسة. فمنذ تعريف الإدارة كعلم مستقل بحد ذاته مطلع القرن العشرين، كثُرت النظريات والتجارب والآراء حول تحسين العمل الإداري وتأطيره علمياً من خلال تحديد مبادئه وآليات تطبيقه وذلك إمّا من خلال الخبرة الشخصية أو بواسطة التجارب العملية. وأدّت هذه الحركة العلمية إلى ظهور أنواع مختلفة من تطبيقات الإدارة -أو مدارس إن صح التعبير- أبرزها التطبيق العلمي للإدارة والتطبيق السلوكي. صحيحٌ أنّ الباحثين الأوائل أمثال هنري غانت، جيمس وات، روبرت أوين وغيرهم كتبوا في الإدارة وعلومها، ولكن يظلّ المهندس الأميركي فريدريك تايلور والمهندس الفرنسي هنري فايول أبرز من بحث في العلم الإداري، وتطبيقاتهما كانت ثورة على المناهج الإدارية التقليدية التي كانت سائدة وغدت الأكثر رواجاً في زمانهما ولا زالت حتى الآن تُدرّس في الجامعات وتُعتمد في الكثير من المنظمات. ستناقش المقالة المبادئ الأساسية التي اعتمدا عليها في تفصيلهما للعملية الإدارية ودورها في تطوير العمل بشكل شامل، وستشرح الفارق الجوهري بين النظريتين وأيّهما أسلم في التطبيق وأفضل في النتيجة

شدّد فريدريك تايلور (1871,1925) على أنّ الإدارة علم له أصوله وقواعده، وهو من خلال تدرجه في العمل من عامل بسيط إلى مهندس إلى كبير المهندسين، فهم تفاصيل عملية الإنتاج ومزاج العاملين وأسباب تهربهم من واجباتهم وانخفاض مستوى ادائهم. وضع تايلور مجموعة من المبادئ ونادى بأهمية تطبيقها في عالم الأعمال خاصة الصناعية منها وكان أبرزها

اعتماد الأسلوب العلمي في تحديد عناصر تنفيذ المهمة من خلال تعريف العمل بشكل دقيق، توضيح طريقة الأداء، المدة الزمنية المطلوبة لتنفيذه

اختيار أفضل العاملين وتدريبهم لتحسين كفاءتهم الإنتاجية

التعاون بين الإدارة الإشرافية والعمال لتحقيق أهداف المنظمة

فصل المسؤوليات، بحيث تتولى الإدارة العليا التخطيط والتنظيم ويقوم العمال بتنفيذ الخطط

خلق رابط دائم بين اتقان العامل لمهامه والمكافأة لرفع مستوى الانتاج كماً ونوعاً

التشدد في الرقابة على العاملين في المستويات الدنيا لأنهم لا يملكون القدرة على توجيه الأعمال والإشراف عليها

انتشرت مبادئه في كل أنحاء العالم وخاصة في البلدان الصناعية كألمانيا وروسيا وفرنسا وله كتب مشهورة جداً في الإدارة والهندسة أهمّها كتاب “أصول الإدارة العلمية” والذي شرح فيه مبادئه والأسباب التي قادته إلى اعتماد المنهج العلمي في العمل الإداري لتميّزه بالموضوعية وقابلية اثبات النتائج وتعميم التجربة، وكتاب “ادارة الورشة” والذي أظهر فيه –من خلال التجارب- جهل الإدارة بكمية العمل الواجب أن يقدمه الفرد والوقت اللازم لاتمام العمل، ودور الأساليب والأدوات المتبعة في عملية الانتاج في تحسين كفاءة العامل وفعالية أدائه

أمّا هنري فايول (1841,1925) المهندس الفرنسي، أحد أشهر الباحثين في ادارة الأعمال، فقد تولّى خلال مسيرته الوظيفية وظائف عديدة أهمّها كبير المهندسين في احدى الشركات الصناعية الكبرى. استطاع من خلال خبرته الشخصية أن يضع مجموعة من المبادئ لتوجيه العمل الإداري داخل المنظمات بالشكل الصحيح لتحقيق النجاحات المطلوبة مهما كان نوع الشركة. قسّم العملية الإدارية إلى خمسة وظائف هي التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة والتنسيق ووضع لها أربعة عشر مبدأً هي

احلال التوازن بين السلطة الممنوحة والمسؤوليات المطلوبة

تطبيق عادل لآليات الثواب والعقاب لضمان الانضباط في العمل

وحدة الأمر، وتتجلى في أن يكون لكل فرد عامل رئيس واحد

اخضاع المصلحة الفردية للمصلحة العامة

احترام التسلسل الإداري

تركز السلطات في يد المسؤول فقط، أما التفويض فيأتي بحسب ما تقتضي الظروف

تحقيق الاستقرار في العمل

تشجيع المبادرة وروح الابتكار

ارساء العدالة والمساواة من حيث الأجور والمكافآت وما شابه ذلك

التأكيد على وحدة الهدف

مكافأة العاملين والاعتراف بانجازاتهم

تطبيق النظام والالتزام بقواعد العمل الموضوعة

تشجيع وتنمية العمل الجماعي

نشر روح التعاون بين العاملين من خلال شعار “في الاتحاد قوة”

يرى فايول أن اهتمام أصحاب الشركات بالسلوك الإنساني للأفراد سيحقق لهم أهدافهم من العمل. أهميته كباحث تكمن في أنّه كان أوّل من استخرج عناصر وأساليب للإدارة عرفت بـ: Administrative Theory. وفي العام 1916 نُشر له كتاب “الإدارة الصناعية العامة”، وأفكاره لا زالت تُدرس في أكبر الجامعات في العالم ويعتبر من المعاصرين للعالم تايلور ويقاسمه عرش الإدارة بمفهومها العلمي

من خلال دراسة معمّقة لمختلف الكتب والأبحاث والمقالات التي تناولت مبادئ تايلور وفايول والبيئة التي عملا فيها والنتائج التي حُقّقت، يمكن استنتاج مجموعة من أوجه التشابه والاختلاف بين الباحثَين في تعريفها للإدارة وتحديد مبادئها وآليات تنظيمها

أوجه التشابه

توضيح خصائص الوظيفة وشروط العمل وطريقة الأداء

التعاون بين مستويات الإدارة في سبيل تحقيق الأهداف الموضوعة

توزيع المسؤوليات بحسب السلطة المعطاة والالتزام بالتراتبية الإدارية

اعتماد نظام المكافآت بعد تقييم الأداء

ارساء مبادئ العدل والمساواة في تطبيق النظام وتوزيع الحوافز

تشجيع الفرد على المبادرة لزيادة الانتاج

وسيلة للكشف عن أفضل الوسائل لانجاز الأعمال بأقل وقت وكلفة وجهد

الاهتمام بدعائم الانتاج من يد عاملة ومعدات ورأس مال

اعتمدت تجارب تايلور وخبرة فايول على العمل في القطاع الصناعي فقط

أوجه الإختلاف

وضع تايلور نظريته في الإدارة بحسب تجاربه ومراقبته، ولكن فايول اعتمد على خبرته الشخصية في كتابة نظريته وتطبيقها

اهتم تايلور بأساليب الإدارة على مستوى التنفيذ، أما فايول فقد وضع إطاراً عاماً متكاملاً يضم كل وظائف الإدارة ومن ضمنها التنفيذ

أكدّ تايلور على ضرورة التشديد في تطبيق الإدارة العلمية، ولكن فايول تحدث عن الانسجام والمرونة في تطبيق المبادئ بحسب الظروف المستجدة

تايلور حدد لكل فرد عامل أكثر من مدير أما فايول فنادى بوحدة الأمر، أي أن يكون لكل موظف مدير واحد فقط

حصر تايلور الرقابة عند الإدارة الإشرافية، أما فايول فلم يركز السلطة فقط عند الجهات الرقابية بل أوصى بالتفويض فيها بحسب ظروف العمل

أوعز تايلور إلى أصحاب الأعمال بصرف أي عامل لا يستطيع رفع مستوى أدائه على عكس فايول الذي دعا إلى تأمين الاستقرار الوظيفي للعامل من خلال عقد طويل المدى وضمانات مالية وخدمات اجتماعية وصحية

عمل تايلور على تطوير اداء الفرد من خلال تحفيزه على زيادة انتاجه لتحقيق أهداف شخصية، أما فايول فقط ربط بين أهداف الفرد والشركة وجعلها موحدة باتجاه تعظيم الانتاج مما يعود بالفائدة على الفرد والمنظمة في آن واحد

لم يشرك تايلور العاملين في التخطيط لأعمال الشركة واعتبرها وظيفة الجهات الادارية العليا فقط وتجاهل كل التنظيمات الغير رسمية والتي تتشكل بطبيعة الحال في جميع الأعمال، أما فايول فقد استثمر خبرة العاملين وشاركهم أفكارهم على مستوى التخطيط والتنظيم والتنفيذ

قلّل تايلور من أهمية العامل في المؤسسة وتعامل معه بطريقة جامدة وخالية من أية تفاصيل انسانية في حين أن فايول قدّر جهود العاملين ودعا إلى مكافأتهم وتسليط الضوء على انجازاتهم وتفويضهم بعض الصلاحيات والتعرف على احتياجاتهم الانسانية والعمل على تأمينها

اعتبر فايول أن زيادة الأجر هو الدافع الوحيد للعمل، بينما ركّز فايول على الاهتمام بالجانب الانساني عند العامل لزيادة فعاليته في أداء وظيفته

من وجهي نظري، أرى أن جميع مساهمات علماء الإدارة وُجدت لتكون تكميلية وليس تناقضية. تايلور يرى أن القيادة يمكن أن تكون من قبل رؤساء متعددين لفرد واحد، بينما تجد فايول متحمس جداً لمبدأ وحدة القيادة، ولكنّ الاثنين قد تركا بصمة كبيرة في عالم الإدارة وحققت أفكارهما نجاحات عظيمة. لذلك، يعتبر تايلور الأب الروحي للمدرسة العلمية ويطلق على فايول لقب الأب الروحي للمدرسة السلوكية. كما أنّه لم يكن في المدرستين أي تحيز للفرد العامل أو لرب العمل ولكن احلال للأسلوب العلمي في الإدارة بعيداً عن التخمين والتقليد الأعمى واهتمام أكبر بالعاملين المورد الأثمن لأي مؤسسة. في وقتنا الحالي، برزت المدرسة الحديثة في التنظيم الإداري والتي عملت على  ايجاد منحنى متوسط بين المدرسة العلمية والسلوكية من خلال الاعتماد على التوازن الوظيفي، أي التوفيق بين مصلحة الأفراد العاملين والمصلحة العامة للمنظمة. ويعتبر شستر برنارد وهربرت سيمون في مقدمة رواد هذه المدرسة والمقالة ترجح صوابية أفكارها ومبادئها

في الختام، يكمن نجاح أعمال المنظمات في تطوير مهارات العاملين ومراعاتهم في احتياجاتهم ومتطلباتهم من خلال عملية اتصال فعّالة وجوّ اشرافي مشجّع على المبادرة والعطاء. ويتم تأطير ذلك بنظام اداري متكامل ينسج الخطط، يوزع المهام، يوجه الأداء ، يتابع عملية التنفيذ وينسّق العلاقات الإدارية والإنسانية بين جميع مستويات المنظمة عمودياً وأفقياً. الإدارة علم سهل التعلّم وصعب التطبيق، لأن المدير لا يحتاج إلى معارف هذا العلم فقط وإنما يتطلب منه مجموعة كبيرة من المهارت والسلوكيات أهمّها مهارة نقل المهارة والسلوك الإيجابي مع الآخرين، ويتوجب عليه أن يكون مقتنعاً بمبادئ العلم الإداري، واثقاً بخطواته، متيقناً من نتائجه. ويبقى هناك سؤال يلزمه جواب، هل يمكن تطبيق مبادئ تايلور وأفكار فايول على المنظمات الحكومية في عالمنا العربي؟؟ بتفصيل أوضح، هل يمكن اعتماد طريقة تايلور في احتساب الأجر أو أسلوب فايول في تشجيع الابتكار؟؟

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Follow Us

Follow us on Facebook Follow us on Twitter