مشاكل المرأة العاملة في مستشفيات مدينة طرابلس – لبنان
|مقالة علمية من إعداد : د.مهى نعمة وأ.علاء حسون
في هذا الواقع الاقتصادي الدقيق التي تمر به البلاد وصل الحال بالعديد من المؤسسات إلى التراجع في الإيرادات، الكفاءات، ضعف الإنتاج والتطوير، خسارة الأهداف، عدم الرضى الوظيفي وغيرها من الأمور. كلّ ذلك يعود بشكل أساسي لعدم وجود خطة استراتيجية طويلة الأمد تعتمد على الموارد الموجودة وتحفّزها نحو التطور تزامناً مع خطة تقشف في المدفوعات بشرط أن لا تؤثر سياسة التقشف على جودة الخدمات
ومن اللافت أن معظم الادارات في لبنان تهتم برضى الزبون بشكل حصري معتقدةً أنه العامل الأساسي لزيادة الواردات وبالتالي الانتاجية
أما في البلدان المتطورة فيتم التركيز على الإهتمام بالموارد البشرية من ناحية تدريبها وتحفيزها وتنظيم أعمالها إيماناً منها بأنّ بناء ونحت الموارد البشرية من الإستقطاب إلى التقاعد هو العامود الفقري في سبيل تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمؤسسة والأهداف الشخصية للموظف
إنّ الدور الأساسي لإدارة الموارد البشرية في المؤسسات الخدماتية بشكل عام والاستشفائية بشكل خاص يكمن في الاهتمام بالموظف منذ إستقطابه حتى تقاعده لكي تجعل له حياة مؤسساتية تخوّله من الإبداع والتميز والعمل بإتقان، لذلك في العصر الحالي تحول إسم ادارة الموارد البشرية إلى إدارة الرأس المال البشري. نعم إنه رأس مال، لذلك يجب المحافظة عليه والتخطيط له وترشيد إستخدامه عبر التخطيط السنوي للموارد البشرية
وفي يوم المساواة للمرأة و بما أنّ معظم السيدات العاملات في القطاع الصحي يعانين من مشاكل عديدة تؤثر على أدائها لمهامها كان الرأي أنه من الهام التطرّق إلى العوائق التي تواجه المرأة العاملة في مستشفيات طرابلس.
تُعرف مدينة طرابلس باهتمامها بالوضع الصحي لأبنائها وزائريها وهي تحوي عدداً لا يستهان به من المستشفيات الخاصة والحكومية ذات قدرة استشفائية مهمة ومعدل إشغال مرتفع ومستوى جودة متوسط وفقاً لأحدث تصنيف لوزارة الصحة العامة. وقد استفادت النساء الطرابلسيات من وجود المستشفيات للعمل فيها. ولكن لا يخفى على أحد المشاكل التي تعاني منها المدينة كسائر المدن اللبنانية من الناحية الاقتصادية وخصوصاً الاجتماعية وهي البيئة شبه المغلقة التي لا تعتمد المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات
لتحديد المشاكل والعقبات التي تعاني منها المرأة العاملة في القطاع الصحي في مدينة طرابلس وُزّع استبيان على ستة مرافق صحية وتم ارساله إلى أكثر من 300 امرأة عاملة
وتبيّن الدراسة أن كل المؤسسات الصحية التي خضعت للبحث لا تملك خطة عملية لإدارة الموارد البشرية، أي أنها لا تعلم احتياجاتها من الموارد البشرية ذات المهارات والتخصصات والتي تحقق أهداف المنظمة المستقبلية
كما وأظهرت الدراسة جلياً أهم المشاكل التي تعاني منها المرأة العاملة في القطاع الصحي في طرابلس ودرجة تأثيرها على مردودها في العمل والمنزل. وأبرز المشاكل جاءت على الشكل التالي
العنصرية في التقدير وتوزيع المهام
الغيرة
الغيبة والنميمة
تشويه السمعة
تحرش زملاء العمل
تهمة التقصير مع الزوج وفي تربية الأبناء
التمييز على أساس الدين
غياب التحفيز
والجدير بالذكر أنّ القانون اللبناني قد أوجد أشكالاً من التمييز بين المرأة والرجل في العمل ليزيد من أعبائها، ويتجلى ذلك من خلال التعويض العائلي، نظام التقاعد والصرف، الطبابة والإستشفاء والقطاع الزراعي
وتبيّن من خلال الاستبيان أن أكثر من 50% من النساء العاملات لديهن ثلاثة أولاد أو أكثر في المنزل، و74% منهن حصلن على شهادة التعليم الثانوي على الأقل. أمّا معدل دخلهن فهو بقرابة 600 دولار أميركي. واللافت أن حوالي 40% منهن يعانين من حياة غير مستقرة مع أزواجهن بسبب العمل وتبعاته. ومن النتائج الكارثية للاستبيان أن أيّاً من النساء العاملات تعاني من ثلاث مشاكل أو أكثر في ميدان عملها ممّا يؤثر على تطورها مهنياً ونفسياً في الوظيفة التي تشغلها
بعد استعراض أهم النتائج التي تم الحصول عليها من خلال الاستبيان، أصبح بالإمكان اجراء مقارنة بين ما ذكر في المقال والمراجع المساعدة عن مشاكل المرأة وما تم الحصول عليه من العينة التي أجري عليها البحث
اتفق الطرفان على أهمية الإدارة العليا وقسم ادارة الموارد البشرية في تحسين بيئة عمل المرأة خاصةً أثناء تأديتها لمهامها. فهما المسؤولان عن التوظيف والتدريب وادارة العلاقات بين الأفراد والرواتب وأمور كثيرة أخرى
بالنسبة للأهداف العامة لادارة الموارد البشرية ومن خلال نتائج الاستبيان فإن المؤسسات الصحية في طرابلس
اجتماعياً: لا تلتزم بشكل كامل بما تكفله النقابات العمالية والمنظمات العالمية للمراة العاملة. مثال على ذلك المرض والأمومة والرضاعة
تنظيمياً: لا يلعب قسم ادارة الموارد البشرية فيها دوراً فاعلاً في التنسيق بين حاجات المرأة العاملة ومتطلبات الإدارة العليا
وظيفياً: لا تؤمن العدد الكافي من الموظفين في مختلف الأقسام
فردياً: لا تساعد المرأة العاملة على تحقيق أهدافها الشخصية
في الختام، ومن خلال المشاكل المذكورة أعلاه، يجب أن تعمل الإدارة العليا مع قسم الموارد البشرية لمعالجة مشاكل المرأة في مكان العمل من خلال سياسات وإجراءات يتم وضعها وتنفيذها بشكل فعّال وشامل. لذلك، تعتبر هذه المقالة بمثابة الخطوة الأولى نحو إجراء أبحاث معمقة للدخول أكثر في أسباب هذه المشاكل من أجل بلورة حلول دائمة لها، حلول تقود إلى تحسين بيئة العمل للمرأة وتمكينها من التقدم على الصعيد المهني وتحفيزها لتبدع في تأدية مهامها ومساعدتها على تجاوز مشاكل العمل والأسرة
تم تسليط الضوء على موضوع اجتماعي جداً مهم من خلال هذه المقالة
نتمنى ان تصل هذه الرسالة الى المسؤولين و حل مشاكل بيئة عمل المرأة الموظفة و العاملة
من الواضح جليا مدى التأثير السلبي اللذي تلعبه الإدارات الاستشفاءية في إهمال رضى الموظف واعتباره من الأمور الثانوية التي يمكن العمل عليها..في حين أننا نرى مدى تأثير رضى الموظف على انتاجية المؤسسة ورضى الزبون في آن واحد وبالتالي ان التغاضي عن هذا الموضوع سيكون له تداعيات سلبية قد لا تؤمن استمرارية المؤسسات وخصوصا الاستشفاءية منها والتي تحتاج إلى الكثير من الجهد والصبر والتفاني كما ولها طابعها الإنساني الرفيع.وعليه يجب العمل على إيجاد الحلول والقوانين الرادعة للحفاظ على استمرارية المؤسسات لا سيما الرائدة منها من أجل حفظ ماء الوجه وعرق الجبين وشكرا